logo-mini

تراجع التدين الجماعي عند المغاربة قد يفسره ازدهار التدين الفردي؟

Partager

تراجع التدين الجماعي عند المغاربة قد يفسره ازدهار التدين الفردي؟

أسالت مسألة تراجع التدين عند المغاربة الكثير من المداد، و كانت موضوعا دسما لعديد النقاشات، حيث اختلفت حولها الآراء بين من فند هذا الطرح، معتبرا أن من يقول بتراجع التدين عند المغاربة، يقدم أرقاما و مؤشرات غير دقيقة و لا تستند على مؤشرات تراكمية.

و في المقابل يؤكد البعض أن هناك تراجعا للتدين التقليدي و التدين السياسوي، نظرا لعدة اعتبارات، مشيرا في المقابل إلى أنه بدأت تنشأ أشكال أخرى من التدين و منها التدين الفردي.

تراجع حالة التدين : دراسات غير دقيقة

و في هذا الصدد رصد المركز المغربي للدراسات و الأبحاث المعاصرة في العدد السادس من « تقرير الحالة الدينية » لسنتي 2018 و 2019، أن الفرضيات التي طرحتها بعض الدراسات حول تراجع حالة التدين و حضور الدين في الحياة العامة، و دنو التدين الصحوي من نهاية مثالية نمطه و جاذبية مرجعيته. تبقى غير دقيقة و لا تستند على مؤشرات تراكمية.

و تابع التقرير الذي يصدر عن المركز كل سنتين، أن الأرقام و المؤشرات التي تقدمها هذه الدراسات حول تراجع حالة التدين، و حضور الدين في الحياة العامة، تحاول البحث عن مبررات لفرضيات محددة سلفا في سياق ما يعرفه العالم العربي و الإسلامي بعد الموجات الأولى من الربيع العربي و ما انتهى إليه من أزمات في بعض الدول و ما خلفه ذلك من إحباط سياسي و احتقان اجتماعي و حقوقي ».

و استحضر المركز في نصه التقديمي، « أنه في مقابل السمة الأساسية التي طبعت النصف الثاني من القرن الماضي بصحوته المعاصرة التي أسهمت في الرجوع القوي للدين و تعزيز حضوره و اندماج التدين في الحياة العامة و الخاصة للناس، من خلال الخلاصة الأساسية التي كانت تُجمع عليها الدراسات و الأبحاث التي تعنى بتتبع مؤشرات التدين الكمية و الإحصائية، فإن الخلاصة التي تتجه الدراسات و الأبحاث إلى تبنيها و تقديم الأرقام و النسب على صحتها تؤكد أن الحالة الدينية في وضعية تراجع في مختلف مؤشراتها الكمية ».

و أشار التقرير إلى أن الدراسات التي فند فرضياتها، خلصت أيضا إلى « بداية الحديث عن انحسار تأثيرات الدين على السلوك الجماعي في الفضاءات للعامة، و خاصة بالنسبة للمؤشر المتعلق براهن التدين و آثاره السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية أو فيما يتعلق بالمدى المنظور فيما يتصل بقناعات و موقف الشباب من الدين و التدين ».

و بهذا الخصوص استحضر التقرير ما توصل إليه مركز بيو الدولي و المؤشر العربي « عن بداية تنكب الشباب عن الدين و استدارة ظهره للتدين و إقباله على الحياة ».

تراجع التدين التقليدي و بروز التدين الفردي

و في هذا الشأن أكد الباحث في الشأن الديني رشيد أيلال « أنه لا يمكن القول بشكل جازم إن هناك تراجعا كبيرا للتدين عند المغاربة، و إنما هناك تراجع للتدين التقليدي و التدين السياسوي »، مؤكدا في المقابل أنه « بدأت تنشأ أشكال أخرى من التدين و منها التدين الفردي ».

و في هذا الصدد كشف أيلال في حديثه « للوكس راديو »، أن تراجع حالة التدين عند المغاربة أمر طبيعي و منتظر، نظرا لعدة اعتبارات، أولها الجماعات الإسلامية السياسوية التي تربط نفسها بالدين و تقدم رموزها على أساس أنهم رموز دينية.

و في هذا الصدد سجل الباحث في الشأن الديني أن توالي الفضائح و الفشل الذريع الذي منيت به هذه الحركات الإسلامية، جعل الناس لا يثقون في هذه الرموز التي تمثل في نظرهم الدين، معتبرا أن هذا الأمر انعكس بشكل واضح على واقع التدين عند المغاربة.

و من ضمن الأسباب الأخرى التي ساهمت في تراجع تدين المغاربة، يقول أيلال، هناك رجل الدين التقليدي لا سيما « السلفي »، الذي ينتج خطابا خرافيا و أسطوريا بشكل « غريب ومتواصل و متصل »، بعيد كل البعد عن الواقع الذي يعيشه إليه و إنما ينتمي إلى العصور الوسطى .

و في هذا الشأن تساءل صاحب كتاب « صحيح البخاري : نهاية أسطورة »،  » كيف يمكن أن يستجيب الشباب لهذا الخطاب الديني التقليدي، و هم الذين أصبحوا منفتحين على العالم أجمع عبر بوابات النت كما تسلحوا بلغات كثيرة فتحت أمامهم آفاقا لدراسة ثقافات و فلسفات أكثر عمقا و أكثر تقدما، و هي ثقافات متقدمة جعلتهم يعلمون إلى أين وصلت البشرية ».

و عزى الباحث في الشان الديني، « تراجع حالة التدين عند المغاربة بظهور أشكال أخرى من التدين، منها التدين الذي يدعو إلى العلمانية و الذي يرى أن الدين شأن فردي لا علاقة له بالحياة العامة للناس ».


Poster un Commentaire

quatorze − 13 =

Ce site utilise Akismet pour réduire les indésirables. En savoir plus sur comment les données de vos commentaires sont utilisées.