logo-mini

تعتزم نقلهم إلى رواندا .. هل أصبحت بريطانيا « كابوسا » لطالبي اللجوء؟

Partager

تعتزم نقلهم إلى رواندا .. هل أصبحت بريطانيا « كابوسا » لطالبي اللجوء؟

يبدو أن حلم الكثير من طالبي اللجوء المتواجدين فوق التراب البريطاني في الاستقرار بالبلاد سيتحول إلى « كابوس حقيقي » بعدما أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عن خطة لنقل جميع طالبي اللجوء الواصلين إلى المملكة المتحدة على نحو غير شرعي منذ بداية العام الجاري إلى رواندا.

وجاء إعلان جونسون الأسبوع الماضي في أعقاب توقيع وزيرة الداخلية البريطانية، بريتي باتل، اتفاقا مع حكومة رواندا متعلق « بالاقتصاد وملف الهجرة » بلغت تكلفته نحو 120 مليون جنيه استرليني (144 مليون يورو).

من أوروبا إلى عمق إفريقيا

وينص الاتفاق المذكور على استضافة رواندا الواقعة في شرق القارة الإفريقية، لبعض من طالبي اللجوء والمهاجرين إلى المملكة المتحدة، في إطار محاولة الحكومة البريطانية للقضاء على الهجرة غير الشرعية في البلاد، لاسيما المهاجرين القادمين من الجانب الفرنسي عبر البحر « قناة المانش ».

وبموجب الصفقة التي كشف عنها رئيس الوزراء البريطاني، ستتحمل رواندا الواقعة على بعد أكثر من 6500 كم المسؤولية عن الأشخاص الذين سيرسلون إليها، وتشرف على سير طلبات لجوئهم، وفي نهاية المطاف،  سيتم تشجيعهم على الاستقرار هناك حيث سيحظون بإقامة طويلة في رواندا في حال حصولهم على اللجوء.

وقالت الحكومة الرواندية إن المهاجرين « يستحقون الحماية الكاملة بموجب القانون الرواندي، والمساواة في حق الحصول على العمل، والتسجيل في خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية ».

ومن جهتها الحكومة البريطانية إن أولى الرحلات الجوية المتوجهة إلى رواندا قد تبدأ خلال أسابيع، مع التركيز في البداية على الذكور غير المتزوجين « العزاب » الذين عبروا الذي عبروا قناة « المانش » في قوارب صغيرة أو داخل شاحنات.

وعبر القنال الإنجليزي حتى الآن أكثر من 6000 شخص هذا العام. وتشير أحدث الأرقام من وزارة الداخلية البريطانية إلى أن العام الماضي شهد قيام 28,526 شخصاً بعبور القنال، وذلك في ارتفاع عن عدد الأشخاص الذين تمكنوا من العبور في 2020 والبالغ 8,404.

تبريرات جونسون

وفي هذا الصدد قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إن من شأن الصفقة التي عقدت بين بلاده ورواندا  أن « تنقذ أرواحاً لا تعد ولا تحصى » من ضحايا مهربي البشر.

وفي خطاب ألقاه في مدينة كينت، قال جونسون إن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراء لمنع « مهربي البشر الأشرار » من تحويل القنال الإنجليزي إلى « مقبرة بحرية »، مضيفاً أن الخطة « الإنسانية والرحيمة » أُعدّت للقضاء على هذا النشاط.

وأضاف جونسون في خطابه، أنه يريد أن يوضح للأشخاص الذين يصلون الى الساحل البريطاني، أنهم سيكونون أفضل حالاً لو اتبعوا الطرق القانونية وأن الخطة الجديدة « ستثبت مع مرور الزمن، أنها تمثل رادعاً كبيراً للغاية ».

وقال جونسون إن الخطة « متوافقة تماماً » مع القانون الدولي، لكنه أقر بأنه يتوقع أن يطعن بها في المحاكم ومن « جيش هائل من المحامين ذوي الدوافع السياسية ».

هل تكون رواندا أرض الأمان أم مصدر الخوف

وإلى ذلك أثيرت تساؤلات حول سجل حقوق الإنسان للحكومة الرواندية ورئيسها بول كاغامي. حيث أعربت حكومة المملكة المتحدة نفسها العام الماضي عن قلقها بشأن « القيود المستمرة على الحقوق المدنية والسياسية وحرية الإعلام » في رواندا في جلسة للأمم المتحدة.

وفي العام الماضي، قال كاغامي إنه يعرض إقامة مراكز للاجئين « لأسباب إنسانية ». وقال أحد أحزاب المعارضة القليلة في رواندا، إن الأمر كله يتعلق بالمال.

ووفق تقارير لا شك أن الدول الغربية تأثرت بالتنمية الاقتصادية السريعة في رواندا منذ الإبادة الجماعية، وحقيقة أن الفساد لا يمثل مشكلة – على الرغم من أن المانحين يصدرون تحذيرات بشأن حقوق الإنسان.

ويرى البعض أن صفقة طالبي اللجوء هي جزء من استراتيجية معقدة لتحسين صورة رواندا، حيث تستعد البلاد لاستضافة قمة الكومنولث في يونيو المقبل.

وفي المقابل رفضت المتحدثة باسم الحكومة الرواندية، يولاندي ماكولو، آراء منتقدي الحكومة، وتقول إن لا أحد يتعرض للاضطهاد في رواندا بسبب إبداء رأيه.

وقالت لبي بي سي: « نحن نعرف نوع المواقف التي مر بها الاجئون القادمون من بلدان مثل تلك، وهذا مكان سيوفر لهم الشعور بالأمان، حيث سيحصلون على الحماية ويمكنهم أن يعيشوا حياة كريمة وتصبح لديهم فرصة لتنمية مواهبهم ».

انتقادات كبيرة

وفي هذا الشأن طالبت أكثر من 160 منظمة خيرية وجماعة من جماعات الناشطين في هذا المجال الحكومة بإلغاء الخطة، بينما انتقدت أحزاب المعارضة وبعض الأعضاء في حزب المحافظين الحاكم تلك السياسة.

وانتقدت المنظمات المعنية بشؤون اللاجئين، خطة جونسون ووصفتها بالقاسية، وشككت في تكلفتها ومدى فعاليتها، عدا عن مخاوفها إزاء سجل رواندا في مجال حقوق الإنسان.

واعتبر مجلس اللاجئين أن الاقتراح لن ينجح ووصفت منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة الخطة بأنها « فكرة سيئة بشكل صادم ».

وقال حزب الديمقراطيين الأحرار إن الحكومة « تغلق الباب » في وجه اللاجئين، بينما وصف إيان بلاكفورد من الحزب الوطني الاسكتلندي الخطة بأنها « مروعة للغاية ».

وأبرز الرئيس التنفيذي لمجموعة مناصرة اللاجئين انور سولومون لراديو بي بي سي، أن الخطة بمثابة صفعة في وجه مبدأ منح طالبي اللجوء جلسة استماع عادلة على الأراضي البريطانية. مضيفا : « أعتقد أنه شيء غير عادي أن يكون هاجس الحكومة هو كيفية التحكم والسيطرة بدلاً من التركيز على الكفاءة والرحمة ».

وحسب تقارير فإن خطة بوريس جونسون، تأتي من أجل التغطية على الدعوات المتجددة الموجهة لجونسون من أجل تقديم استقالته بعد تغريمه من قبل الشرطة يوم الثلاثاء الماضي بسبب مخالفته وحضوره تجمعاً للاحتفال بعيد ميلاده في الوقت الذي فرضت فيه حكومته الإغلاق العام في البلاد .

وإلى ذلك تعتقد وزارة الداخلية البريطانية أن قانون اللجوء الحالي سيكون كافياً لتنفيذ الخطة، لكن تظل هناك أسئلة حول قانونية هذه الخطة.

وفي هذا الصدد اضطرت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتل للموافقة شخصياً على خطة تقضي بإرسال بعض طالبي اللجوء من المملكة المتحدة إلى رواندا بعد أن أعرب المسؤولون في وزارتها عن قلقهم حول قيمة الخطة مقابل المال الذي ستتكلفه.


Poster un Commentaire

treize − dix =

Ce site utilise Akismet pour réduire les indésirables. En savoir plus sur comment les données de vos commentaires sont utilisées.