logo-mini

لقاح كورونا : بين نظرية المؤامرة و إنهاء الوباء لعودة الحياة لطبيعتها

Partager

لقاح كورونا : بين نظرية المؤامرة و إنهاء الوباء لعودة الحياة لطبيعتها

منذ ظهور فيروس كورونا المستجد، في مدينة ووهان وسط الصين أواخر دجنبر الماضي، انتشرت كالنار في الهشيم أفكار ومعلومات غريبة ومغلوطة وأخرى بلا دليل واضح على مواقع التواصل الاجتماعي، تستعمل فيها فيديوهات و صور مركبة و زائفة، يقف وراءها أصحاب نظرية المؤامرة، و لقيت رواجا لدى بعض رواد تلك المواقع، و من جملة هذه المعلومات الغريبة، أن الفيروس مجرد مؤامرة عالمية، تهدف إلى التحكم في البشر و السيطرة على مختلف جوانب حياتهم.

 و مع التطلع لطرح لقاح لفيروس كورونا، في المستقبل القريب، و الذي تنتظره البشرية على أحر من الجمر، تطفو على السطح نظريات المؤامرة حول استخدام هذا اللقاح، إذ يعتبر أصحاب هذه النظريات أن اللقاح المنتظر للوباء، مجرد خطة كبيرة دبرها الملياردير الأمريكي الشهير و مؤسس شركة « مايكروسوفت » بيل غيتس، الغرض منها السيطرة على البشر عن طريق زرع شريحة متناهية الصغر عبر لقاح ضد الفيروس و ذلك من خلال الجيل الخامس للاتصالات.

و من جهة أخرى يدحض أخصائيو الصحة هذه الأفكار الغريبة التي يتبناها أصحاب نظرية المؤامرة، معتبرين أنها يمكن أن تكون لها عواقب مميتة إذا ما اختار الناس علاجات وهمية بدلاً من اللقاح المنتظر، معتبرين في المقابل أن اللقاح ليس إلا حلا طبيا كغيره من اللقاحات السابقة يهدف إلى وقف انتشار الوباء و ضمان صحة جيدة للبشرية و حمايتها، و إنهاء الوباء لعودة الحياة لطبيعتها.

بيل غيتس نجم نظريات المؤامرة

في وقت تخوض فيه دول العالم سباقا محموما مع الزمن من أجل التوصل إلى لقاح مضاد لفيروس كورونا، يحمي البشرية من خطر هذا الوباء، يبدو أن أصحاب نظرية المؤامرة يسبحون عكس التيار، من خلال طرحهم لأفكار غريبة و لا تقوم على أي أساس علمي أو واقعي، إذ يقولون إن الفيروس مؤامرة عالمية يقودها الملياردير الأمريكي و مؤسس « ما يكروسوفت »، بيل غيتس، تروم السيطرة على البشر عبر رقاقة دقيقة تزرع في أجسامهم عن طريق اللقاح المنتظر و من خلال استخدام الجيل الخامس من الاتصالات.

و منذ ظهور فيروس كورونا في ووهان الصينية قبل أزيد من عشرة أشهر، و مع انتشاره فيما بعد حول العالم، أضحى الملياردير الأمريكي بيل غيتس نجم نظريات المؤامرة من خلال ترويج أفكار و معلومات مرتبطة به تتعلق بفيروس كورونا و لقاحها المنتظر، و رغم أن بيل غيتس نفى بنفسه نفيا قاطعا هذه المعلومات، كما رفضها غالبية الأميركيين، إلا أن هذه الأفكار لا زالت تلاحقه لحد الآن.

 و قال الملياردير الأمريكي في مقابلة مع مجلة « شبيغل » الألمانية : « هذه الأفكار المجنونة تنتشر بطريقة ما على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أسرع من الحقيقة ». مضيفا أنه « مندهش » من ظهور اسمه في نظريات المؤامرة هذه، حسب ما ذكر موقع « جي إم إكس » الألماني.

و حسب تقارير إعلامية، فإن بيل غيتس استثمر أكثر من 20 مليار دولار في اللقاحات في إطار مؤسسته « بيل و ميليندا غيتس » خلال العقد الماضي. و عبر الملياردير الأمريكي عن اعتقاده بأن ثلاثة أو أربعة من اللقاحات  للشركات الستة: « أسترا زينيكا » و « دجونسون و دجونسون » و « نوفافاكس » و « سانوفي » بالإضافة إلى لقاح  » ار ني أي » من شركتي الأدوية « فايزر و موديرنا »، ستحصل على موافقة طارئة بحلول 2021.

و خلال مقابلة له مقابلة مع مجلة « شبيغل » الألمانية، قال بيل غيتس : « لقد قدّمت مؤسستنا مبالغ مالية أكثر من أي مجموعة أخرى لشراء اللقاحات بهدف إنقاذ الأرواح ». مردفا أنه يأمل في ألا تؤدي نظريات المؤامرة هذه إلى تنفير الناس من اللقاح عندما يتم التوصل إليه. و يناشد الملياردير قائلا: « نحن في خضم وباء، و من المهم أكثر من أي وقت مضى مواجهة الحقائق و الحقيقة ». مؤكدا أنه يريد الترويج للقاحات لإنقاذ الأرواح و إنه فخور بأنه « سيتم إنقاذ عشرات الملايين من الأشخاص بفضل جهود التطعيم الجديدة التي نشارك فيها ».

لقاح كورونا و نظرية المؤامرة

يعتقد أصحاب نظريات المؤامرة وفق تقارير إعلامية أن شريحة بيل غيتس المفترضة التي يطلق عليها اسم «آي دي 2020»، الغرض منها السيطرة على البشر، و ذلك عن طريق زرع شريحة متناهية الصغر عبر لقاح ضد فيروس كورونا، من خلال الجيل الخامس للاتصالات، حيث ستسجل فيها كل معلومات الأشخاص، سواء المعلومات الطبية أو البنكية، معتبرين أنها تتضمن جهاز بثّ و استقبال على غرار شرائح الهواتف المحمولة، و كذا لجمع و تحليل المعلومات عن أي مرض أو خلل و إرسال المعلومات إلى مراكز العلاج.

و تذهب نظرية المؤامرة التي يروّج لها أصحابها عبر مقاطع فيديو و صور مركبة و مزورة، متداولة على شبكات التواصل الاجتماعي، أنه من خلال الشريحة المزعومة يمكن إرسال إشارات إلى دماغ الشخص و التحكم في أعصابه، معتبرة أن الذين يقفون وراء هذا المشروع يريدون التحكم في البشرية و السيطرة على العالم و تحويل الإنسان إلى ما يشبه الروبوت.

و من بين نظريات المؤامرة أن بيل غيتس هو من صنع الفيروس. و الدليل على ذلك أن لديه « براءة اختراع » و « تنبأ بالوباء » خلال مؤتمر في العام 2015. كما اتهمته نظريات المؤامرة بالرغبة في الاستفادة من الوباء على نمط « أغنياء الحروب »، من خلال السيطرة على العالم أو زيادة ثروته من خلال بيع اللقاح.

و المثير للاهتمام أن نظرية المؤامرة المرتبطة بشريحة بيل غيتس المزعومة و على الرغم من غرابتها و جنوحها، و النقص الكامل في الأدلة لدعمها، و مخافتها للعقل و المنطق إلا أنها وجدت لها صدى في بعض الأوساط من لدن أشخاص يبدو أنهم مقتنعين بأن الجائحة عمل مدبر من أناس يخططون سراً للتحكم في العالم و توسيع مصالحهم.

و في هذا الصدد و بحسب استطلاعات الرأي، فإن 50 في المائة من الأميركيين تقريباً ينظرون إلى اللقاح نظرة معتدلة، بينما 25 في المائة يرفضون تلقي اللقاح، و قرابة 40 في المائة من الأميركيين ذوي البشرة السمراء يرفضون اللقاح، وفق تقرير نشرته وكالة أسوشيتدبرس. و في استطلاع رأي آخر أجرته مؤسسة « غالوب »، وُجد أن واحدًا من بين كل ثلاثة أمريكيين سيعزف عن أخذ لقاح كوفيد-19 لو كان متاحًا اليوم، و أن الجمهوريين أكثر ممانعةً للحصول على اللقاح من الديمقراطيين.

 و في مقدمة الأصوات الأمريكية التي شككت في جدوى اللقاح المنتظر، ابن أخ الرئيس الكندي الراحل روبرت إف كينيدي جونيور، و هو معارض للقاحات و ناشط بيئي، صرح بأن جهود بيل غيتس تمنحه « سيطرة ديكتاتورية على سياسة الصحة العالمية ». معتبرا أن هذا النوع من اللقاح يمثل مشكلة من حيث الصحة و الأخلاق و أيضاً من حيث الضرر الجيني،

أما في فرنسا فتظهر استطلاعات الرأي أن نحو 26 في المائة لا يريدون الحصول على اللقاح، و بحسب استطلاع رأي جديد، سيرفض واحد من كل 6 بريطانيين لقاح « كوفيد-19 » عندما يصبح متاحاً. 

و في بريطانيا ادعت زعيمة الاحتجاج ضد اللقاحات في لندن، كيت شميراني، أنّ فيروس كورونا الذي يواصل حصد الأرواح و إصابة الملايين حول العالم، مجرد « خدعة » و أعراضه مرتبطة بإطلاق تقنية لاسلكية جديدة و هي الجيل الخامس من الاتصالات. و تعتقد أن اللقاح الذي يعمل عليه العلماء لمعالجة المرض سام و أداة سياسية لتغيير الحمض النووي للناس، و ذلك وفقا لصحيفة « ميرور » البريطانية.

نظريات المؤامرة حول لقاح كورونا المنتظر لم يتبناها فقط أشخاص من العالم الغربي، و إنما أيضا وجدت من يدافع عنها في المغرب، إذ صرحت نبيلة منيب، الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد، أن اللقاح، الذي يتمّ تحضيره حاليا للقضاء على الجائحة، يندرج ضمن إجراءات القوى العالمية الكبرى لفرض نظام عالمي جديد و التحكم في قواعد تنظيم الشعوب،

و أكدت منيب قالت، في ندوة رقمية نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أواخر الشهر الماضي، أن « الغرض من تلقيح البشر ليس الغرض منه حمايتهم، بل جعلهم تحت الصدمة من أجل مراقبتهم و التحكم فيهم ». معتبرة أن جائحة فيروس « كورونا » « عرّت على الفاعلين الحقيقيين المتحكمين في السياسة العالمية من خلف الستار، مثل لوبيات الشركات العالمية الكبرى و البنوك »، وفق تقارير صحفية.

و من جهة أخرى، ترى المهندسة المغربية، كوثر بوبكار خبيرة في النانو تكنولوجي وتحديدا في مجال التصميم الفيزيائي للرقاقات، أن « مواجهة نظرية المؤامرة حول لقاح ما زال لم يتم الترخيص له بعد، ليست من مهم السلطات الصحية فقط، بل هي مسألة وعي جماعي ودور مشترك بين كل الأطراف، الإعلام والمدرسة النخب ».

و أضافت بوبكار في حوار أجرته معها جريدة المساء يوم الاثنين 12 أكتوبر 2020، « أن الخوف من التلقيح على العموم ليس أمر مستحدثا أو نقاشا طارئا، إذ كان وسيظل حاضرا، لكن المثير هو وثيرة تصاعده السريعة و الكبيرة و هو ما يجب النظر إليه وفق منظور أشمل يتعلق بالعلاقة مع العلوم ككل في ظل انتشار وسائل التواصل الرقمية و في زمن أصبح يستغل العقل النقدي بشكل متطرف، بحيث يشك في كافة المعطيات العلمية ».

و شددت المتحدثة في حوارها على أن المواطنين لا يجب أن يفقدوا الثقة في العلوم و المعطيات العلمية، مؤكدة أن اللقاحات أبانت عن فعالية كبيرة منذ زمان، و كانت نتائجها إيجابية، معتبرة أن الدليل على ذلك هو تنامي سكان الكرة الأرضية، و ارتفاع معدل الحياة بشكل كبير، قائلة :  » نحن في حاجة أكثر إلى مشروع يوحد و يزرع الأمل في غد أفضل، و ليس إلى خطابات مظلومية تلقي كل اللوم على أكباش فداء ».

و إلى ذلك يقول أخصائيو الصحة حول العالم إن المعلومات الخاطئة عن لقاح كورونا المنتظر يمكن أن تكون لها عواقب مميتة إذا ما اختار الناس علاجات وهمية بدلاً من هذا اللقاح، كما تجعلهم لا يتبعون تعليمات وزارات الصحة حول العالم بدعوى وجود « مؤامرة » تحاك للبشرية مثل « شريحة بيل غيتس، حيث قال روري سميث، الاخصائي في نظريات المؤامرة : « يمكن أن تقلل من ثقة الناس في المنظمات الصحية و تخفض معدلات التطعيم، و هو أمر مثير للقلق ».

لقاح كورونا : انهاء الوباء لعودة الحياة لطبيعتها

و بهذا الخصوص اعتبر الطبيب و خبير المعلومات المضللة الطبية بجامعة سيتي في نيويورك و جامعة كولومبيا، سكوت راتزان، لصحيفة « غلوبال نيوز » الكندية « إن لقاح فيروس كورونا المستجد هو الشيء الوحيد الذي يحمينا حقاً من تفشي المرض في المستقبل.

و في المغرب، استفسر الملك محمد السادس خلال ترؤسه مجلسا وزاريا، يوم الأربعاء 14 أكتوبر 2020، وزير الصحة حول التقدم الذي وصل إليه اللقاح ضد فيروس كوفيد-19، الذي تطوره الصين بالنسبة للمغرب.

و أجاب وزير الصحة بأن هناك اتصالا مستمرا مع الشركات و الحكومة الصينية، التي أبانت عن إرادة حسنة في هذا الشأن، مبرزا بأن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح.

و كان وزير الصحة خالد آيت الطالب، أكد يوم الاثنين 17 غشت الماضي، أن المملكة ستنخرط، و على غرار عدد من الدول و مع عدة دول، في تجارب سريرية للقاح المضاد لكورونا، مضيفا أن المنظمة العالمية للصحة تطالب البلدان ببذل مزيد من الجهود لاحتوائه، غير أن الفيروس مازال منتشرا نظرا لعدم وجود وصفة لكبح الجائحة، متابعا بالقول إن بصمة الأمل اليوم تتمثل في إيجاد لقاح مضاد للفيروس، حتى تعود الحياة لطبيعتها.

بدوره أكد بيل غيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت أن التطعيم ضد الفيروس هو المخرج الواحد أمام البشرية للتغلب على كورونا و العودة إلى الحياة الطبيعية.

و تطرق غيتس في حوار مع قناة « إن بي سي »، إلى الكيفية التي يمكن أن تساعد البشرية في التغلب بشكل كامل على عواقب وباء « كوفيد-19″، مشددا على أن الشرط الرئيس يكمن في التطعيم ضد الفيروس. قائلا: « الطريقة الوحيدة لعودة البشرية إلى المسار الطبيعي تتمثل في الحصول على لقاح فائق الفعالية و بأسعار في متناول الجميع ».

و رأى مؤسس شركة مايكروسوفت العملاقة أن التطعيم الشامل سيوقف انتشار عدوى الفيروس التاجي، و ينهي المرض « على نطاق عالمي »، مشيرا إلى أنه يعتقد أن جائحة الفيروس التاجي ستنتهي في عام 2022.

و تحدث تقرير بحثي أصدرته « الجمعية الملكية » في بريطانيا، في الثاني من الشهر الجاري، أن عودة الحياة إلى طبيعتها ستكون تدريجية، و تحتاج إلى وقت ليس بالقليل حتى بعد اكتشاف لقاح لفيروس كورونا.

و تبقى الإشارة إلى أن كبرى شركات الأدوية في العالم، تتنافس للتوصل إلى لقاح ضد فيروس كورونا الذي بات شبحا يهدد البشرية. و على رأس هذه الشركات تتعاون كل من جامعة أوكسورفد مع أسترازينيكا البريطانية، و شركة فايزر الأمريكية مع مواطنتها موديرنا. كما تتعاون الشركتان الصينيتان سينوفاك و سينوفارم.

 و دخلت هذه المؤسسات الخمس المرحلة الثالثة من التجارب لتحديد فاعيلة اللقاح، لتعتبر بذلك المؤسسات الخمس الوحيدة من بين 169 مؤسسة مرشحة لإيجاد لقاح التي من الممكن أن تجرب اللقاح المنتظر على متطوعين.


Poster un Commentaire

huit + quatorze =

Ce site utilise Akismet pour réduire les indésirables. En savoir plus sur comment les données de vos commentaires sont utilisées.