logo-mini

فيضانات الدار البيضاء تكشف هشاشة البنية التحتية و تسائل حقيقة المدينة الذكية

Partager

فيضانات الدار البيضاء تكشف هشاشة البنية التحتية و تسائل حقيقة المدينة الذكية


أدت الأمطار التي تهاطلت خلال اليومين الماضيين على مدينة الدار البيضاء، إلى فيضانات اجتاحت عددا من أحياء المدينة، حيث غمرت المياه عدة شوارع و أربكت حركة السير، كما تسربت المياه إلى عدد كبير من المنازل و تسببت في خسائر مادية و غمرت كذلك العديد من السيارات .

و تسببت ساعات من التساقطات المطرية في عرقلة حركة السير و الجولان فيعدد من أحياء العاصمة الاقتصادية، لاسيما في مناطق، لهراويين، مديونة، تيط مليل، أهل الغلام، دار بوعزة، بوسكورة، حي السدري، مولاي رشيد، و بورنازيل، و عين الشق و الحي الحسني، التي غمرتها الأمطار المتهاطلة، الأمر الذي يعيد إلى الواجهة هشاشة البنية التحتية و إشكالية مجاري الصرف الصحي العاجزة عن استيعاب كميات كبيرة من المياه.

و أظهرت صور متداولة على شبكات التواصل الاجتماعي جانبا من الخسائر المادية التي لحقت بعدد من الشوارع و الأزقة بوسط مدينة الدار البيضاء، التي تحولت إلى ما يشبه أودية و برك مائية تسببت في توقف حركة السير و الجولان، فضلا عن توقف حركة الطرامواي بسبب غرق إحدى مقطوراته، و هي الأحداث التي تسائل حقيقة و جدية شعار « المدينة الذكية ». 

زيف شعار « المدينة الذكية »

تحولت فيضانات العاصمة الاقتصادية إلى مادة دسمة لسخرية رواد مواقع اللتواصل الإجتماعي، معتبرين أنها كشفت زيف شعارات المسؤولين على تسييرها الذين يطمحون إلى تحويلها إلى « مدينة ذكية » تتوفر بها جميع الخدمات التكنولوجيا الحديثة.

و في هذا الصدد قال رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، « ساعات من الأمطار أغرقت مدينة الدارالبيضاء في برك من الماء و غرقت معها السيارات و الترامواي و بدت المدينة التي تحتضن البورصة و أسواق المال و الأعمال و الشركات العملاقة شبيهة بقرية ».

و أضاف الغلوسي في تدوينة له على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، »مدينة الدار البيضاء بالأمس تتنفس تحت الماء و كشفت عورة المسوؤلين عن تدبير أمورها و عرت الوجه القبيح للفساد و الرشوة و الصفقات النتنة و أزاحت الماكياج عن و جوههم و عرت شعاراتهم حول الحكامة و الشفافية ».

و تابع المتحدث ذاته قائلا : »لا أدري ما إذا كان هذا المنظر القبيح و الذي كشف هراء شعاراتهم حول التنمية المفترى عليها أمام كاميرات العالم قد جعل مسوؤلينا يشعرون قليلا بالخجل أمام هذه الفضيحة بكل المقاييس و التي تتكرر في كل مرة أجادت بها السماء علينا بقليل من الأمطار ».

و أضاف الغلوسي في تدويتنه « نقولها و نكررها إن الفساد و الرشوة و سياسة الريع و الصفقات المشبوهة و إسناد التدبير لنخب فاسدة و إنتهازية هي التي جعلت الدار البيضاء تغرق بالأمس في الماء وسط ذهول الجميع »، مردفا « لابد من ربط المسوؤلية بالمحاسبة و القطع مع الإفلات من العقاب فالفساد و الجشع حول مدننا إلى جحيم و جعل الحياة فيها تختنق، كفى فسادا و هدرا للمال العام !! السياسة خدمة عمومية نبيلة لخدمة مصالح المجتمع في التنمية و الحياة الكريمة و ليست مجالا للإرتزاق و كسب المال و الترقية الإجتماعية ».  

و أشارت تقارير إعلامية إلى أن مدينة الدار البيضاء ما زالت تتخبط في مشاكل جمة لا سيما على المستوى الإداري التي تحول دون تنفيذ المشاريع التي لا زال العديد منها عالقا، علاوة على ضعف البنيات التحتية اللازمة لتسريع هذه المشاريع، مشيرة إلى هذه الفيضانات كشفت عن عدم توفر المدينة على شبكات قوية لتصريف المياه.

و يعزى السبب الرئيس في هذه الفياضانات ، وفق مواطنين، إلى عجز مجاري الصرف الصحي عن استيعاب مياه الأمطار، علاوة على عدم تحرك شركة « ليدك » للقيام بعمل استباقي من أجل الحيلولة دون حدوث هذه الفيضانات التي تتكرر كل سنة كلما جادت السماء بالغيث الذي بدل أن يكون نعمة على سكان المدينة يتحول إلى نقمة تقض مضجعهم.

ليدك توضح

في هذا الصدد أعلنت « ليدك » عن تعبئة فرقها و تعزيز وسائلها الخاصة للتدخل الميداني للحد من تأثير التساقطات المطرية القوية التي تهاطلت أول أمس الثلاثاء على مدينة الدار البيضاء.

و قالت الشركة في بلاغ صحفي إنه « منذ التوصل بنشرة خاصة بأحوال الطقس من المديرية العامة للأرصاد الجوية تعلن فيها عن تساقطات مطرية قوية يوم الثلاثاء 05 يناير 2021 بمجموع المجال الترابي للدار البيضاء الكبرى، تعبأت ليدك و قامت بتعزيز فرقها و كذا و سائلها الخاصة بالتدخلات الميدانية ».

و أضافت أن الأمطار التي تهاطلت أمس على المدينة تميزت بحدتها و بلغ متوسطها 33,7 ملم بين الساعة الرابعة بعد الزوال و التاسعة ليلا، مع تسجيل تساقطات قصوى بلغت 53 ملم.

و توزعت هذه التساقطات و كان لها تأثير بشكل خاص في مناطق (لهراويين، مديونة، تيط مليل، أهل الغلام، دار بوعزة، بوسكورة، حي السدري، مولاي رشيد، عين الشق و الحي الحسني).

و للحد من تأثير هذه التساقطات المطرية القوية، يؤكد المصدر ذاته، عبأت ليدك 358 عونا ضمنهم أطر و عمال التدخلات المختصين في مجال التطهير السائل، و 233 وحدة (17 شاحنة تطهير كبيرة، و 19 شاحنة تطهير صغيرة، و 58 مضخة، و 132 عربة نقل كبيرة و صغيرة، و 7 سيارات رباعية الدفع)، و ذلك من أجل تأمين مختلف التدخلات على مستوى شبكة التطهير السائل.

كما عززت ليدك قدرات مركزها للعلاقات مع الزبناء (20 20 31 22 05) لاستقبال و التكفل بعدد من المكالمات يفوق ما يتم تسجيله عادة.

و تم تفعيل منظومة تدبير الحالات الطارئة على مستوى مركز اليقظة و التنسيق التابع لليدك لتدبير هذه الفترة التي تشهد تساقطات مطرية قياسية.

في السياق ذاته، ذكرت الشركة بإطلاق أشغال إنجاز سرداب تخزين مياه الأمطار بحي السدري، في دجنبر 2018، و الذي تتقدم أشغاله تماشيا مع المخطط المحدد مسبقا.

و يهدف هذا المشروع إلى حماية حي السدري من الفيضانات من خلال تخزين المياه المتدفقة في فترات التساقطات المطرية، حيث تصل طاقته الاستيعابية إلى 14000 متر مكعب من المياه.

و يبلغ طول السرداب 1,3 كلم و يتراوح عمقه بين 30 و 40 مترا، و هو عبارة عن منشأة كبرى ستحمي أيضا شارع محمد بوزيان و شارع 10 مارس من الفيضانات بالنسبة لحدة تساقطات عشرية (22 ملم/ ساعة). و تبلغ التكلفة الاستثمارية للمشروع 182 مليون درهم، بتمويل من المفوض له البيضاوي.

و لمواكبة مشاريع التعمير بمناطق الرحمة و الحي الحسني، و مكافحة التدفقات المائية على مستوى الطريق الوطنية رقم 1 و حي ليساسفة، أعطت ليدك في أواخر سنة 2018 انطلاقة مشروع إحداث نظام للتطهير السائل للمياه العادمة و المطرية بهذه المناطق وذلك بهدف حماية هذا الجزء من الدار البيضاء من الفيضانات، و أيضا لتجميع المياه العادمة لتجزئات في طور التهيئة أو سيتم تهيئتها، و توجيه هذه المياه إلى غاية الشبكات المتواجدة.

و ينجز هذا المشروع بتمويل من صندوق الأشغال باستثمار في حدود 313,5 مليون درهم، و يتوقع إنجازه داخل أجل سنتين. و كانت اشغاله قد انطلقت ببناء محطة لضخ المياه العادمة تصل طاقتها إلى 200 لتر /ثانية، و سرداب تحت أرضي طوله 3,4 كلم و قناة يبلغ طولها 410 أمتار.

و يتوزع مجموع استثمار هذا المشروع (313,5 مليون درهم بدون احتساب الضرائب) على 76,2 مليون درهم تهم أشغال التطهير السائل للمياه العادمة، و 237,3 مليون درهم لأشغال التطهير السائل لمياه الأمطار.


Poster un Commentaire

14 − 11 =

Ce site utilise Akismet pour réduire les indésirables. En savoir plus sur comment les données de vos commentaires sont utilisées.