logo-mini

دراسة : حالات العود للجريمة تفوق 80 % في صفوف السجناء الشباب

Partager

دراسة : حالات العود للجريمة تفوق 80 % في صفوف السجناء الشباب

أظهرت دراسة ميدانية أنجزتها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج شملت 1699 سجينا،  حول تكرار ارتكابهم للجرائم أو ما يعرف بحالات « العود »، أن حالات العود للجريمة ترتفع لدى الفئات العمرية بين 25 و29 سنة لتصل إلى 88 في المائة لدى النزلاء الذكور الشباب بينما لا تتعدى هذه  نسبة لدى  الإناث عتبة 9.4 في المائة. موضحة أن الفئة الأكثر عودة إلى ارتكاب الجرائم هي فئة الشباب المتراوحة أعمارهم بين 18 و44 سنة بنسبة 81.38 في المائة.

الدراسة التي قدم نتائجها يوم الأربعاء 25 شتنبر 2019 محمد بوزلافة، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، خلال الجامعة الخريفية للسجون المنظمة من طرف المندوبية العامة لإدارة السجون يومي 25 و26 شتنبر بالسجن المحلي سلا 2، تحت شعار « ظاهرة العود.. أية حلول؟ »، كشفت أن 42.2 في المائة من السجناء ارتكبوا الجريمة مرتين و19.7 في المائة ارتكبوا الجريمة ثلاث مرات، بينما 25.5 في المائة منهم ارتكبوا الجريمة أكثر من ثلاث مرات. تورد مصادر إعلامية.

وأكدت الدراسة أن نسبة العود للجريمة يرتفع عند السجناء العزاب بنسبة 57.7 في المائة، بينما تقل عند المتزوجين حيث لا تتعدى 22.8 في المائة، مشيرة إلى أن ظاهرة العود للجريمة تقل كلما ارتفع المستوى التعليمي للسجين، إذ تصل 39.8 في المائة لدى النزلاء الذين لا يتجاوز مستواهم التعليمي الطور الإبتدائي، و31.8 في المائة مستواهم إعدادي بينما لا تتعدى عتبة 2.5 في المائة لدى أصحاب المستويات الجامعية.

وسجلت الدراسة أن حالات العود لها ارتباط وثيق بالهشاشة والفقر، معتبرة أن نسبة العود لدى السجناء المنحدرين من المناطق شبه الحضرية والضواحي بلغت 39.8 في المائة،  بينما ينخفض معدل العود بشكل كبير في المدن حيث بلغ 13.5 في المائة. لافتة إلى أن مستويات الدخل بالنسبة لسجناء في حالة عود تكون ضعيفة جدا أو متوسطة.

وبخصوص نوعية الجرائم المرتكبة في حالات العود أظهرت الدراسة أن نسبة 31.8 في المائة من هذه الحالات مرتبطة بجرائم السرقة فيما 23.4 في المائة لها علاقة بجرائم الاتجار في المخدرات ونسبة 19.1 تتعلق بالإعتداء.

وفي ما يتعلق بأسباب ارتكاب الجريمة رصدت الدراسة أن 42.2 في المائة مرتبطة بمشاكل مالية و39 في المائة متعلقة بمشاكل عائلية و30 في المائة بسبب الإدمان على المخدرات و22 في المائة بالإدمان على الكحول، و19 في المائة بالاعتداء. واعتبر 10.8 في المائة من السجناء المستجوبين أنهم مدمنين على الإجرام.

وحول سؤال هل سبق أن تلقيت أي علاج لمشكل العود للجريمة، اتضح أن 83.6 في المائة لم يسبق أن تلقوا أي علاج، فيما اعتبر 71.3 في المائة أنهم لم يسبق أن تلقوا أي علاج نفسي أو عقلي، فيما أكد 94.7 في المائة من النزلاء الذين يوجدون في حالة عود أنهم لم يتلقوا أي مساعدة حكومية من أجل عدم العودة للجريمة.

واعتبر 66.5 في المائة من السجناء المستجوبين أنهم واجهوا مشكل الوصم الاجتماعي بعد إطلاق سراحهم، فيما عانى 48 في المائة من التعامل معهم باعتبارهم من ذوي السوابق.

وبخصوص المشاكل التي يعاني مهنا النزلاء كشفت الدراسة أن الإكتئاب يشكل نسبة 39.9 في المائة من هذه المشاكل بينما نسبة القلق تناهز 50 في المائة .

عجز منظومة الزجر

قال وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، مصطفى الرميد،  إن ارتفاع حالات العود إلى الجريمة يسائل صلاحية المنظومة الجنائية الحالية، لاسيما في شقها المتعلق بالمدد السجنية وآليات الإدماج.

ولفت الرميد في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال الدورة السابعة لتظاهرة الجامعة في السجون المنظمة تحت شعار « ظاهرة العود.. أية حلول؟ »، يوم الأربعاء 25 شتنبر 2019 بسلا ،  إلى أن الحد من هذه الظاهرة لم يعد يقتصر فقط على السياسة الجنائية، بل أصبح يمتد ليشمل مختلف السياسات العمومية لمكافحة الجريمة وظواهرها.

وأشار المسؤول الحكومي  إلى أن أغلب الجرائم يرتكبها ذوو السوابق العدلية، مشددا على ضرورة البحث عن الأسباب الكامنة وراء عجز منظومة الزجر والعقاب عن الحد من هذه الظاهرة. معربا عن أمله في أن يسهم الإصلاح المرتقب لمنظومة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية في إرساء الأسس القانونية والحقوقية للحد من ظاهرة العود.

عدالة جنائية

أكد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، مصطفى فارس، أن مظاهر معضلة العود إلى الجريمة، مازالت مستمرة رغم الجهود التي بذلت في هذا الإطار، وذلك في ظل تزايد نسبة الإجرام وتنوعه وارتفاع حالات العود في صفوف مختلف الفئات العمرية والأصناف الإجرامية، مع ما يترتب عنها من اكتظاظ ومشاكل ذات أبعاد مختلفة « تلزمنا باتخاذ مبادرات مواطنة ملموسة لمواجهتها ».

وأبرز فارس، أن ظاهرة العود كانت محط دراسة أثناء الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة، حيث تم الإقرار بأن تعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات مرتبط بوضع خطة محكمة تساهم فيها جميع القطاعات والمتدخلين، من ضمنها إقرار بدائل للعقوبات السالبة للحرية واعتماد ضوابط جديدة أثناء الحراسة النظرية وتحسين ظروف إقامة النزلاء بما يساهم في إعادة إدماجهم وأنسنة تنفيذ العقوبة.

وفي هذا الصدد يضيف فارس أن السلطة القضائية  تبقى مدركة لأهمية إيجاد التوازن بين الحقوق والمصالح المختلفة، بشكل يضمن حقوق المتهم والضحية في نفس الآن في إطار محاكمة عادلة تكرس الأمن والاطمئنان في مضمونه الواسع، وهو ما يبدو جليا حسب نفس المتحدث من خلال العديد من الأحكام والقرارات الصادرة عن محكمة النقض أو محاكم الموضوع من أجل تحقيق عدالة جنائية قوامها التطبيق العادل للقانون.

محاصرة الظاهرة

رئيس النيابة العامة، محمد عبد النباوي، أشار من جانبه إلى أن محاصرة ظاهرة العود يجب أن تتم عبر مستويين يشملان إصلاح الأشخاص المتورطين وإخضاعهم لبرامج تأهيلية فعالة تساهم في إعادة إدماجهم بعد خروجهم من السجن، وتفعيل أحكام حالة العود في حق الشخص الذي يرفض احترام ضوابط المجتمع ويعود إلى الجريمة رغم كل محاولات إصلاحه.

وأكد عبد النباوي، في كلمة تلاها باسمه رئيس قطب الدعوى العمومية وتتبع تنفيذ السياسة الجنائية، أحمد والي علمي، أن إصلاح منظومة السجل العدلي وحوسبتها تعتبر مسألة حيوية وضرورية، حتى « نضمن تحيين المعطيات الخاصة بالأفراد المحكوم عليهم، وذلك سواء للتحقق من كون الشخص هو عائد طبقا للشروط المحددة في القانون الجنائي أو لتمتيعه برد الاعتبار حينما تتوفر شروطه القانونية ».

وخلص إلى أن رئاسة النيابة العامة، انطلاقا من أدوارها القانونية، تبقى ملتزمة في حدود اختصاصاتها، بالتفاعل الإيجابي وانخراطها في جميع المبادرات الهادفة إلى معالجة المشاكل المتصلة بالعود، وتقديم كل الدعم والعون اللازمين للتخفيف من المشاكل المتعلقة بتنفيذ العقوبات السالبة للحرية من خلال العمل على ترشيد الاعتقال الاحتياطي والتخفيف من معدلاته.

تحيين الترسانة القانونية

ومن جهته، أكد وزير العدل محمد أوجار، أن تطور أشكال الجريمة يقتضي تحيينا مستمرا للترسانة القانونية المرتبطة بالسياسة الجنائية والعقاب، مع السعي لخلق التوازن بين حماية حقوق وحريات الأفراد وضمان الأمن العام للمواطنين.

وأشار أوجار، إلى أن إشكالية العود إلى الجريمة كانت وما زالت إحدى المواضيع والإشكاليات الجنائية الكبرى، التي جعلت منها وزارة العدل إحدى أولويات عملها في ورش إصلاح منظومة العدالة الجنائية، سواء في المجال التشريعي أو المجال المؤسساتي.

المقاربة الحقوقية

ومن جانبه أكد الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، منير بنصالح، أن المجلس دأب، انطلاقا من الاختصاصات الموكولة إليه دستوريا، على تعزيز علاقاته مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، وكذا الفاعلين المعنيين بقطاع السجون والمجالات التقنية ذات الصلة بحقوق الإنسان، بهدف الحد من ظاهرة العود.

 وشدد  بنصالح، على أهمية المقاربة الحقوقية في معالجة ظاهرة العود، من خلال التوجه نحو بدائل جديدة في مجالي الزجر والعقاب، في ظل « عجز » السياسة الجنائية الحالية في شقيها العقابي والوقائي، عن إيجاد حلول وأجوبة لمعالجة مثلى لهذه الظاهرة.

وأشار إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يعمل على متابعة التوصيات الصادرة في تقريره الموضوعاتي حول السجون في 30 أكتوبر 2012، معتبرا  أنه امتدادا لهذا التقرير، نظم المجلس مجموعة من الندوات والأيام الدراسية بهدف تسليط الضوء على مختلف الإشكاليات التي يعاني منها القطاع وتوفير أرضية لصناع القرار العموميين.


Poster un Commentaire

deux × trois =

Ce site utilise Akismet pour réduire les indésirables. En savoir plus sur comment les données de vos commentaires sont utilisées.