logo-mini

تصريحات ماكرون حول « الانفصالي الإسلامي »، دفاع عن « علمانية فرنسا » أم  » كراهية للإسلام » ؟

Partager

تصريحات ماكرون حول « الانفصالي الإسلامي »، دفاع عن « علمانية فرنسا » أم  » كراهية للإسلام » ؟

لازالت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي أعلن خلالها عن خطط لسنّ قوانين أكثر صرامة للتصدي لما سمّاه « الانفصال الإسلامي »، و الدفاع عن القيم العلمانية، تثير الكثير من ردود الفعل، حيث يعتبر البعض أن تصريحاته ليست إلا هجوما على الإسلام و المسلمين و تعد دعوة صريحة للكراهية و العنصرية، بينما يرى آخرون أن ردود الفعل ضد ماكرون شعبوية و أزمة المسلمين ثابتة.

 و صرح ماكرون الجمعة الماضي خلال عرضه لخطة عمل حول « النزعات الانفصالية » و بالخصوص « النزعة الإسلاموية المتطرفة »، أن « الإسلام دين يمر اليوم بأزمة في جميع أنحاء العالم، و لا نراها في بلادنا فقط »، مشدداً على كونها « أزمة عميقة مرتبطة بالتوترات بين الأصولية و المشاريع الدينية و السياسية التي… تؤدي إلى تصلب شديد للغاية ».

و أضاف الرئيس الفرنسي « لا أودّ أن يكون هناك أي التباس أو خلط للأمور »، لكن « لا بد لنا من الإقرار بوجود (نزعة إسلامية راديكالية) تقود إلى إنكار الجمهورية »، مشيراً إلى « التسرّب المدرسي » و « تطوير ممارسات رياضية وثقافية » خاصة بالمسلمين، و « التلقين العقائدي و إنكار مبادئنا على غرار المساواة بين الرجال و النساء ».

و يأتي خطاب الرئيس الفرنسي المناهض للنزعة الانفصالية في سياق حساس في فرنسا حيث تعد العلمانية قيمة أساسية و يمثل الإسلام الديانة الثانية في البلاد.

دفاع عن « علمانية فرنسا »

و في هذا الصدد قال الرئيس الفرنسي إن « الإسلام الراديكالي » يشكل خطراً على فرنسا لأنه يطبق قوانينه الخاصة فوق كل القوانين الأخرى، معتبرا أن أقلية من مسلمي فرنسا، الذين يقدر عددهم بنحو ستة ملايين نسمة، يواجهون خطر تشكيل « مجتمع مضاد ».

و اعتبر ماكرون أن هذا الشكل من الطائفية غالباً ما يُترجم إلى إبعاد الأطفال عن المدارس، و استخدام الأنشطة الرياضية و الثقافية و غيرها من الأنشطة المجتمعية « كذريعة لتعليم مبادئ لا تتوافق مع قوانين الجمهورية ».

و قال الرئيس إن على الدولة الفرنسية « مكافحة الانفصالية الإسلاموية »، التي تؤدي في نهاية المطاف إلى تأسيس مجتمع مضاد داعياً في الوقت عينه إلى « فهم أفضل للإسلام » و تعليم اللغة العربية.

و في هذا الشأن قدم ماكرون جملة اجراءات ستشكل مقترحا سيطرح أمام البرلمان الفرنسي قبل نهاية العام الجاري. و تهم هذه الاجراءات، مراقبة أكثر صرامة للمنظمات الرياضية و الجمعيات الأخرى حتى لا تصبح جبهات لتعاليم إسلامية و كذا إنهاء نظام لاستقبال أئمة من الخارج، علاوة على تحسين الرقابة على التمويل الأجنبي للمساجد و تقييد التعليم في المنزل.

و يرى الرئيس الفرنسي أن على بلاده فعل المزيد لتوفير حراك اقتصادي و اجتماعي لمجتمعات المهاجرين، مضيفاً أنّ المتطرفين غالباً ما يملؤون الفراغ الموجود لدى هذه المجتمعات.

وفقا للمبادئ الفرنسية الصارمة للعلمانية، فإن القانون يفصل الحكومة عن المؤسسات الدينية. و تقوم الفكرة على أن الناس من شتى الأديان و المعتقدات متساوون أمام القانون.

و تضم فرنسا أكبر مجتمع من المسلمين في أوروبا الغربية. و يشتكي كثيرون من أن السلطات تستخدم مبادئ العلمانية لاستهدافهم على وجه خاص، مثلما حدث في حظر الحجاب.

و من جهة أخرى هاجم العديد تصريحات الرئيس الفرنسي، متهمين إياه بـ »العنصرية » و « كراهية الإسلام و المسلمين ».  و كان أخرهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي وصف تصريحات ماكرون  » بأنها « وقاحة و قلة أدب ». فيما اعتبر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أنّ الدين الإسلامي ليس في أزمة، و لكن الأزمة في « الجهل بمبادئه و حقائقه و الحقد عليه ».

كراهية للإسلام

خلفت تصريحات الرئيس الفرنسي حول « الانفصال الاسلامي » ردود فعل غاضبة، حيث هاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس، تصريحات نظيره الفرنسي معتبرًا أنها « استفزاز صريح و تفتقد للاحترام »، واصفاً، في كلمة حديث ماكرون عن إعادة هيكلة الإسلام بأنه « وقاحة و قلة أدب ».

و أكد أردوغان أنّ مهاجمة المسلمين باتت إحدى أهم الوسائل التي يستخدمها السياسيون الأوروبيون من أجل التغطية على فشلهم، مشيراً إلى أن الذين يتهربون من مواجهة العنصرية و كراهية الإسلام يرتكبون أكبر إساءة لمجتمعاتهم.

و استنكر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، و مجمع البحوث الإسلامية في جامع الأزهر و كذلك مفتي سلطنة عُمان، تصريحات ماكرون باعتبارها « دعوة صريحة للعنصرية و الكراهية ».

و اعتبر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في بيان أنّ تصريحات ماكرون هي هجوم غير مبرّر و اعتداء على مقدسات الإسلام، مضيفا أنّ مثل هذا التصريحات التي تخرج تحت غطاء الحرية تأتي ضد الإسلام فقط، و « هي التي تصنع الإرهاب و « العنصرية الدينية » و تحول دون التعايش السلمي القائم على احترام جميع الأديان و خصوصياتها ».

و أكد الاتحاد، أنّ الدين الإسلامي ليس في أزمة، كما قال ماكرون، و لكن الأزمة في « الجهل بمبادئه و حقائقه و الحقد عليه و على أمته، فهي أزمة فهم و أزمة أخلاق، و هي مشكلة الازدواجية في المعايير، و الإسلاموفوبيا.

أزمة المسلمين ثابتة

و في هذا السياق يرى الباحث في الشأن الديني محمد عبد الوهاب رفيقي، في تصريحات لجريدة « هسبريس الإلكترونية » أن « ردود الفعل التي تلت تصريحات الرئيس الفرنسي غلب عليها الكثير من الشعبوية، و تتجه أساسا نحو اعتبار ماكرون رجلا غير مسلم، يحكم دولة استعمارية سابقة، و ليس له الحق في الحديث عن الدين ».

و أضاف رفيقي حسب المصدر ذاته أن رد الفعل نفسي أكثر منه موضوعي، مشيرا إلى أن تعيير الرجل بزوجته (سب و الاستهزاء من ماكرون لأنه متزوج من امرأة تفوقه سنا)، هو دليل كاف على أزمة المسلمين، و أردف قائلا: « ربما خانت ماكرون العبارة بحديثه عن الإسلام، لكن أزمة المعتنقين ثابتة ». مبرزا أن ماكرون يقصد بعض حركات الإسلام السياسي المنتشرة بفرنسا، و امتداد الهجمات الإرهابية لتشمل أوروبا، علاوة على الكتلة التي بات يشكلها المهاجرون المسلمون داخل التراب الفرنسي.

و سجل رفيقي أن « الحقائق موضوعية، سواء جاءت من ماكرون أو غيره »، مؤكدا ضرورة معالجة العديد من الأمور في تدبير الحقل الديني، و البداية من القائمين على الشأن الديني، « إذ لا يعقل أن يفتي فقيه مغربي أو تركي لجالية تعيش سياقا فرنسيا ».

و إلى ذلك أظهر عدد من المعلقين دعمهم لهذه التصريحات، حيث يقول محمد بوالروايح في جريدة « الشروق الجزائرية »: « إن تصريح ماكرون بأن (الإسلام اليوم يواجه أزمة في كل العالم) مبنيٌّ على قناعته بأن من يمثلون الإسلام على كل المستويات لم يعد لهم أكثر من أي وقت مضى قبولٌ لدى الغرب لتمثيل العالم الإسلامي، و هذا يمثل فرصة ذهبية لفرنسا لتقدم نفسها على أنها البديل الذي لا مناص منه ».

و من جانبه قال خالد منتصر في جريدة « الوطن المصرية » إن تصريحات ماكرون أثارت « غضب المسلمين في أنحاء العالم وسيظل هذا الغضب حائلاً بيننا كمسلمين و بين فهم تلك الأزمة التي نعيشها و التي جعلتنا أكثر الأمم تصديرًا للإرهابيين، و أكثر الدول في نسب الفقر و التخلف، و أقل الدول إسهامًا في الكشوف العلمية ».


Poster un Commentaire

dix-sept − neuf =

Ce site utilise Akismet pour réduire les indésirables. En savoir plus sur comment les données de vos commentaires sont utilisées.